الأحد، 13 أغسطس 2017

الأنتروبولوجية الاجتماعية والثقافية

تقــديـم


تعدّدت الدراسات والاتجاهات التي تناولت الأنثروبولوجيا، في الآونة الأخيرة، بوصفها علماً حديث العهد، على الرغم من مرور ما يقرب من القرن وربع القرن على نشأة هذا العلم.
لقد اتّسعت مجالات البحث والدراسة في هذا العلم الجديد، وتداخلت موضوعاته مع موضوعات بعض العلوم الأخرى، ولا سيّما علوم الأحياء والاجتماع والفلسفة. كما تعدّدت مناهجه النظرية والتطبيقية، تبعاً لتعدّد تخصّصاته ومجالاته، ولا سيّما في المرحلة الأخيرة حيث التغيرات الكبيرة والمتسارعة، التي كان لها آثار واضحة في حياة البشر كأفراد و كمجتمعات .
وبما أنّ الأنثروبولوجيا تهتمّ بدراسة الإنسان، شأنها في ذلك شأن العلوم الإنسانية الأخرى، فهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع الإنساني الذي توجد فيه، حيث تعكس بنيته الأساسية والقيم السائدة فيه، وتخدم بالتالي مصالحه في التحسين والتطوير .
ثمّة من يردّ بدايات تاريخ الأنثروبولوجيا إلى العصور القديمة، إلاّ أنّ الأنثروبولوجيين الغربيين، ولا سيّما الأوروبيون، يرون أنّ الأصول النظرية الأساسية لعلم الأنثروبولوجيا، ظهرت إبّان عصر التنوير في أوروبا (عصر النهضة الأوروبية )، حيث تمّت كشوفات جغرافية وثقافية لا يستهان بها، لبلاد ومجتمعات مختلفة خارج القارة الأوربية .
وقد قدّمت هذه الكشوفات معلومات هامة عن الشعوب القاطنة في تلك البلاد، أدّت إلى تغيّرات جذرية في الاتجاهات الفلسفية السائدة آنذاك، عن حياة البشر وطبيعة المجتمعات الإنسانية وثقافاتها وتطوّرها. وهذا ما أدّى بالتالي إلى تطوير المعرفة الأنثروبولوجيّة، واستقلالها فيما بعد عن دائرة الفلسفة الاجتماعية .
لقد انحسرت الفلسفة – إلى حدّ ما – في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أمام التفكير العلمي، حيث تطوّرت العلوم الاجتماعية واستطاع العالم البريطاني / إدوارد تايلورE. Tylor / أن يرى في تنوّع أساليب حياة الشعوب وتطوّرها، ظاهرة جديرة بالدراسة، وأنّ علماّ جديداً يجب أن ينشأ ويقوم بهذه المهمّة. وسمّى تايلور هذه الظاهرة بـ" الثقافة Culture أو الحضارة Civilization " .
ومع دخول الأنثروبولوجيا مجال القرن العشرين، بأحداثه وتغيّراته العلمية والاجتماعية والسياسية، طرأت عليها تغيّرات جوهرية في موضوعها ومنهج دراستها، حيث تخلّت عن المنهج النظري وأخذت بالمنهج التطبيقي باعتبارها ظاهرة علميّة، إضافة إلى تحديد علاقة التأثير والتأثّر بينها وبين منظومة العلوم الاجتماعية والإنسانية الأخرى. حيث أصبحت النظرة الشاملة تميّز المنهج الأنثروبولوجي، الذي يتطلّب دراسة أي موضوع – مهما كانت طبيعته وأهدافه- دراسة كليّة متكاملة، تحيط بأبعاده المختلفة، وبتلك التفاعلات المتبادلة بين أبعاد هذا الموضوع وجوانب الحياة الأخرى السائدة في المجتمع .
ويأتي هذا الكتاب، ليلقي الضوء على أبرز الجوانب في علم الأنثروبولوجيا، من حيث أبعاده النظرية والتطبيقية. ولذلك، قسّم الكتاب إلى ثلاثة أبواب تضمّن كلّ منها عدداً من الفصول، على النحو التالي :
الباب الأوّل – تضمّن ثلاثة فصول، تحدّثت عن : مفهوم الأنثروبولوجيا وأهدافها، ونشأتها وتاريخها، وعلاقتها بالعلوم الأخرى .
الباب الثاني- تضمّن ستة فصول، تحدّثت عن : الدراسات الأنثروبولوجية واتّجاهاتها المعاصرة، والفروع الأنثروبولوجية (العضوية – النفسيّة- الثقافية- الاجتماعية )، والمنهج الأنثروبولوجي والدراسات الميدانية .
الباب الثالث- تضمّن ثلاثة فصول، تحدّثت عن : البناء الاجتماعي ووظائفه، والأنثروبولوجيا في المجتمع الحديث، والاتّجاه نحو أنثروبولوجية عربية.



http://adf.ly/1nor5U
















































المقاربة التشاركية




1 – تقديم:
لقد حققت المقاربة التشاركية خلال السنوات الأخيرة تقدما مهما فيما يخص تحديد وتدبير الأنشطة وذلك من أجل وضع اللبنات الأولى للتنمية المستدامة وقد تمخضت هذه المقاربة عن الانشغال بتكييف الممارسات والإجراءات المتعلقة بالتنمية الجماعية وإخضاع هذه الأخيرة لمراقبة الساكنة المعنية.
ومن بين المكتسبات التي تجدر الإشارة إليها التوصيف الدقيق لمهام أعوان التنمية على كل المستويات، والتنظيم الأفضل للعمل، والتكوين المستمر الأكثر عمقا،وبشكل خاص نشير إلى ضرورة المعاينة المباشرة والقريبة للسكان، وبالفعل، فإن المقاربة التشاركية التي تم وضعها منذ انطلاقتها في السبعينيات، كمجموعة من التقنيات والأدوات التي تهدف إلى حث الساكنة على تبنيها لإعطاء الانطلاقة لصيرورة التنمية الذاتية.
وتلقى المناهج التشاركية اليوم صدى إيجابيا من طرف الفاعلين المحليين ، كما أنها تطبق في حقول ومجالات عديدة ومتنوعة (ابتداء من المجال القروي إلى الحضري، الصحة، البيئة، التربية، الفلاحة، التمدرس ومحو الأمية).
ويوصى حاليا باعتماد هذه المناهج، بل تتم الدعوة إليها وفرضها أحيانا.
ونتيجة لكل هذا،أصبحت هذه المناهج تجلب حاليا اهتماما متزايدا من طرف الجمعيات وفاعلين آخرين اللذين يرون فيها رافعة حاسمة من أجل تقوية الديمقراطية واللامركزية والحكامة الجيدة على المستويات المحلية والوطنية.
إن المقاربة التشاركية تعمل وفق الفكرة القائلة بأن الأشخاص والجماعات يتوفرون على الإمكانيات لتحقيق التغييرات اللازمة من أجل ضمان الوصول إلى الموارد بل والتحكم فيها أيضا، فهي إذن إجراء يهدف إلى مساندة الساكنة من أجل تمكينهم من سلطة التحكم في مصيرهم في الأفق القريب. وعليه، فإن استعمال الطرق التشاركية يلعب دور التنشيط الاجتماعي والتشاوري والتنسيق والتكوين و التحسيس والتعبئة واكتساب الوعي وتحمل المسؤولية والتوعية.
وتؤكد كل الطرق التشاركية على مشاركة الساكنة ليس فقط في اتخاذ القرار بل وأيضا في سياق التحضير من أجل اتخاذ القرار. فمصطلح مشاركة هو إذن مفتاح نجاح كل إجراء يخص التنمية التشاركية.
ماذا تعني كلمة "مشاركة"؟
يمكن تعريف المشاركة كسياق اجتماعي يتجلى في استعادة السكان لسلطة المبادرة والقرار من أجل وضع و تحقيق أنشطة وبرامج تهم مستقبلهم. ويعني هذا أن المتدخلين الخارجيين يعترفون بممثلي هذه الساكنة كفاعلين للتعبئة من أجل التغيير الاجتماعي، أو كشركاء كاملين وليس فقط كأهداف أو وسائل لتحقيق قرارات متخذة دون استشارتهم. ولهذا، لا يمكن التحدث عن مشاركة إلا بوجود علاقات شراكة وتعاقد بين السكان المعنيين بمشروع ما أو ببرنامج معين والمتدخلين الآخرين. وهذه العلاقة يجب أن ترتكز على الاحترام المتبادل لهوية كل واحد على حدة، وللتبادل و لتثمين المعرفة وللمهارة وللمشاركة، مما يعني أن كل برنامج أو مشروع يجب أن يعتمد على تشخيص تشاوري وأن يأخذ بعين الاعتبار الطموحات والأهداف وإكراهات مختلف الفرقاء.
هام :
يجب الانتباه إلى أنه: يمكن أن تفقد الطرق التشاركية أحيانا مصداقيتها بسبب الاستعمال المفرط والميكانيكي، والاستغلالي، والغريب الأطوار، والعجائبي والميركانتيلي أو المغشوش.
ومن هنا، يبدأ السؤال حول مختلف أشكال المشاركة. فعمليا يمكن أن تظهر مجموعة مختلفة من المستويات بينما يبدو أحيانا من الصعب التفريق بين مختلف أشكال المشاركة المعتمدة. ويقدم هذا الدليل الأشكال الأربعة الأكثر استعمالا في الممارسة.
ما هي هذه المستويات المشاركة ؟
1 – المشاركة السلبية: تعتبر الساكنة مجرد مستفيدة على هذا المستوى، على سبيل المثال: برامج المساعدات الغذائية حيث يقتصر السكان على استهلاك ما يقدم لهم فقط. ويعتبر البعض هذا الأمر نوعا من المشاركة إلا أنها تبقى ضئيلة جدا.
2 – المشاركة المادية: هنا يعتبر السكان مجرد وسيلة أو أداة حيث يساهمون في تحقيق نشاط لم يقرروه أو يحددوا جدولته، ومثالا على ذلك نذكر حالة أعمال بناء       حيث يشارك السكان بتزويد النشاط باليد العاملة أو بالمواد لبناء مدرسة أو بئر.




3 – المشاركة الاستشارية: في هذه الحالة، تعطى للسكان فرصة إبداء الرأي حول المشاكل التي يعيشونها. وتعتبر الساكنة على هذا المستوى كمصدر للمعلومات إذ يتم تحليل ودراسة الحاجيات التي تم تحديدها من طرف أشخاص آخرين لوضع مستوى لمشروع أو برنامج أو مخطط عمل.
4 – المشاركة بالقرار: إنها نوع من المشاركة التي يصعب الوصول إليه حاليا لأنها ذات منظور واسع جدا، إذ في هذه الحالة، تعمل الساكنة على تحديد وتحليل واتخاذ القرار بالنسبة لمشروعها والتخطيط له وتنفيذه وتقييم نتائجه.
إلا أن هذا لا يعني إزاحة الدعم الخارجي، باعتباره إضافة ضرورية في أغلب الأحيان. يحب على المتمرسين في ميدان التنمية التشاركية أن يكونوا يقظين في عملهم مع الساكنة إذ تعتبر المشاركة سياقا بل، أكثر من ذلك، مفهوما فلسفيا. وفي هذه الحالة، من المهم التأكيد على أن:
+ المشاركة لا تقتصر على تحويل مهمات وأعباء مادية ومالية ثم اتخاذ القرار بخصوصها بمعزل عن السكان، بل تعتمد أيضا على التبادل والمشاركة وتقييم معارفهم ومهاراتهم.
+ لا تقتصر المشاركة أيضا على البحث عن التوافق أو انخراط السكان في مشاريع أو برامج تم إعدادها بشكل منفرد من طرف متدخلين خارجيين.
+ المشاركة ليست حكرا على المناطق الصعبة أو الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجا .
هل المشاركة ضمان لنجاح المشاريع التنموية؟
وهذا التساؤل مأخوذ عن نص منبثق من ندوة حول " المشاركة السكانية من أجل تنمية مستدامة" منظمة بالقاهرة في سبتمبر 1994 من طرف عدد كبير من المنظمات الدولية. وقد جمعت هذه الندوة بين تقنيين من مختلف الدول العربية العاملين في ميدان التنمية.
 ومن بين خلاصات هذه الندوة:
 إن لمشاريع التنمية حظ أوفر للنجاح إذا واكبتها مشاركة فعالة للساكنة.
 وهذه بعض الاستنتاجات أيضا:
+ تصبح حظوظ المشاريع في النجاح أكبر إذا كانت تلبي الحاجيات ذات الأولوية  للساكنة.
+ يجب أن تستمر المشاركة السكانية طوال مدة المشروع حيث تضمن استمرارية دعم هذه الساكنة للمشروع، ويظهر هذا جليا بالخصوص عندما يتعلق الأمر بالمشاريع التي تتطلب متابعة مستمرة
+ لضمان حسن سير المشاركة السكانية في المشاريع، يجب توفر مهارات خاصة في أعوان التنمية.
+ توجد الكثير من النزاعات بين السكان وأعوان التنمية بسبب اختلاف وجهات النظر بخصوص المشاكل والحلول.
+ من المهم أن يحصل أعوان التنمية في البداية على معرفة عميقة للساكنة التي سيعملون معها .
+ من المهم أن يكون داخل كل شريحة من السكان قادة رأي معبئين ومحترمين من طرف السكان .
+ من المهم أيضا أخذ الشروط والقيم والمهارات الموجودة بعين الاعتبار وعدم إهمالها.
ما هي نقط القوة والضعف داخل المقاربة التشاركية؟
من البديهي أن تنشأ عن كل مقاربة عند تطبيقها ميدانيا نقط قوة ونواقص أو محدوديات ،ويبين الجدول التالي أهمها بالنسبة للمقاربة التشاركية:

أهم نقاط القوة
أهم النواقص والإكراهات
تشجع على اكتساب الوعي لدى كل الفاعلين المعنيين بعملية معينة.
+ تشكل عامل ديمومة للأنشطة.
+تساعد على اكتساب المعارف والمهارة من طرف المشاركين.
+يتم تحديد الأنشطة من الساكنة وبالتالي فهي تتلاءم أكثر مع الحاجيات الحقيقية .
+ تمكن من إشراك السكان في مجموع السياق
 (التحديد والتخطيط والإنجاز والتقييم)
+ تشجع المجموعات الضعيفة كالنساء على إبداء الرأي .
+ تظهر بالملموس على شكل دعائم يمكن فهمها من الجميع بما في ذلك السكان الأميين وذلك باستعمال أدواة وتقنيات ملائمة.
+ يعتبر الإجراء التشاركي طويل المدى مما يؤدي إلى إفقاد الساكنة حماسها إذ تقضي وقتا طويلا في النقاش دون الحصول على شيء ملموس
+ تعتبر المقاربة التشاركية مكلفة لأنها تحتاج موارد بشرية مهمة.
+ لا يتاح تواجد السكان دائما عند وضع مختلف الأدوات .
+تفرض المقاربة التشاركية وجود مستخدمين مؤهلين ومكونين حيث لوحظ نقص على مستوى التواصل وتقنيات التنشيط من خلال المراقبة (إعطاء أولوية الكلمة للمجموعات الأكثر قوة وعدم بذل المجهود لحث الأشخاص الذين يبقون على الهامش على المشاركة .
+بعض الطرق معقدة وصعبة المنال بالنسبة للأشخاص الأميين (مثال : طريقةPIPO وهي طريقة تخطيط التدخلات عن طريق الأهداف) .





للتحميل :  هنا 

 http://adf.ly/1noqUS

 http://adf.ly/1noqXw